كيفية تأثير المال على السياسة

 

التمويل السياسي هو المصطلح السائد الذي يغطي تمويل الاحزاب, وتمويل الحملات . فتعتبر الانظمة البرلمانية مدفوعة بتأثير من الحزب في الغالب, فيما تتأثر الانظمة الرئاسية كما في الولايات المتحدة بالمرشح اكثر.

لذا فان المصطلح المعتمد في الانظمة البرلمانية هو التمويل الحزبي اما في الانظمة الرئاسية فالمصطلح هو تمويل الحملات . بدون المال في السياسة ما كانت الانظمة الديمقراطية ذات الاحزاب لتسطيع العمل ولا تمكنت حكوماتها من ذلك ايضا . فيرتبط التمويل السياسي كشكل من اشكال حرية التعبير بصحة أي نظام ديمقراطي وقوته . ومن شأن القوانين والتنظيمات المفروضة لضبط التمويل السياسي ان تجازف بخنق الحق الاساسي للمواطن في تقديم المال للمرشح او الحزب الذي يختارونه. من هنا عند محاولة تطبيق الاصلاحات يسود عادة ً جدل واسع حول ما يمكن وصفه( بالعادل ,او القانوني ,او المنصف) . غالبا ماتطبق اصلاحات تمويل الحملات والاحزاب بشكل كبير كمقايضات بين المصالح المتنوعة المتنافسة . وتجدر الاشارة الى انه ما من نظام للتمويل السياسي تمكن من الايفاء بكافة المطالب الملقاة على عاتقه . 

يتمثل مصدر القلق من سيطرة الفساد على السياسة واضعافه لحكم القانون .وقد ياتي الفساد عن قبول رجال السياسة للمال من مصادر غير قانونية فقد عمت الفضائح السياسية انحاء العالم بضمنها العراق نتيجة لاستعمال (المال المشبوه ) في السياسة . غالبا ما تشمل هذه الفضائح العصابات الاجرامية والتجارة غير المشروعة الذين يمولون الانتخابات . وفي بعض الدول دخل المال غير المشروع في تيار عملية الانتخابات السائدة  .


من شأن المال المشبوه ان يفسد ولاء القادة المنتخبين فيحترمون مصالح الاشخاص  السياسية منها اوغير الشرعية, ممن سددوا مصاريف الانتخابات, عوضا عن مصالح الشعب  .وفي الدول التي يتمتع فيها البرلمانيون بالحصانة يدخل بعض المجرمين معترك السياسة كطريقة لعزل انفسهم عن الملاحقة القضائية .

ينتج دور المال في السياسة فرصا غير متكافئة في التنافسات الانتخابية . فبفضل المبالغ الطائلة من المال , يكتسب بعض الاحزاب او المرشحين أفضلية غير مستحقة على حساب البعض الاخر . ورغم ان الحزب او المرشح الذي يملك القسم الاكبر من المال لا يفوز بالانتخابات حكما ً ,الا ان رابطا ما يجمع بين الاثنين .ومن شأن التفاوتات الهائلة في مستويات التمويل بين الاحزاب او المرشحين ان تقيد من فرض التنافس السياسي ,وتميل الى التخلص من المنافسين الذين يشكلون تحديا .في معظم الاوقات , تتأتى الفرص غير المتكافئة عن واقع مفاده ان الحزب الحاكم يسيطر على الجهاز الحكومي ويستخدمه لمصلحته الخاصة  ,بشكل يضر بالمعارضين . يمكن لوصول الحزب الحاكم الى الموارد المالية الحكومية ان يشوه من الفرص المتوافرة كما يمكن ان يرفع من تكاليف المنافسات الانتخابية ايضا .

في بعض الدول من المتوقع ان يسدد المسؤولون المنتخبون والمعينون نسبة من رواتبهم الى احزابهم السياسية ,ويتمتع اصحاب المناصب بحق استرداد هذه النسب من التمويل الحكومي ,بعكس المعارضين ,مما يضعف من الفرص المتساوية .ويعتبر التحكم الحكومي بالاعلام عاملا آخر يشوه من مستوى الفرص المتكافئة .



على العموم ,يعكس المسؤولون المنتخبون المجتمع الاوسع الذي يمثلونه .لكن يبدو ان الشروط المالية للدخول في معترك السياسة التنافسية تتزايد اكثر فاكثر,مما يؤدي الى اقصاء سياسي لمن يعجز عن تحمل هذه الكلفة .ما يقلق المدافعون عن الاصلاح من ان بعض الشرائح السكانية التي تفتقر الى المال لن تتمكن من الترشح لمنصب ,او الحصول على تمثيل ذي هدف .

ان المسؤولين المنتخبين سيمسون مسائلين امام من يمول حملاتهم عوضا عن الجماهير التي انتخبتهم. فبالنظر الى التكاليف المرتفعة لمن يسعى الى الفوز بالانتخابات ,قد يتخلى بعض المرشحين عن مبادئه ,وينفق بقية ولايته في تسديد التزامات انتخابه . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ورشة تدريبية حول قانون 12 لسنة 2010 لمنظمات المجتمع المدني

حرمان المرأة الريفية من التعليم يؤثر سلبا على مسار حياتها..

نسبة الفقر في العراق وفق أرقام البنك الدولي ‘أخطار محدقة بالحالة العراقية’ ...